بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين المنعم المتفضل والصلاة والسلام على الحبيب
المصطفى والنبيّ المجتبى وعلى آله وصحبة وعلى خادم اليتيم مع محبه

 كلمة تهنئةٍ مقتبسةٌ من محاضراتٍ كثيرة ألقيتها بفضل الله تعالى بمناسبات الإعداد لتأسيس جمعيات رعاية الأيتام واختيار جهاز الإشراف والأمهات البديلات حول العالم
الحمد لله رب العالمين المنْعِم المتفضل وأصلي وأسلم على الحبيب المصطفى والنبي المختار وآله وصحبه وخادم اليتيم مع محبه . نعم إنه صلى الله عليه وسلم اليتيم العظيم ومَنْ شرف اليُتم بيتمه صلوات الله وسلاماته عليه

: أولاً – المقصود بالتهنئة

(………كل من يعمل في حقل رعاية وكفالة وعناية الأيتام بكل أشكال المشاركة (المتبرع والكافل والاداري والمالي والاشراف والأمهات البديلات  والخالات والسكرتاريا والعاملات

: ثانياً – مناسبة التهنئة

الدخول في دائرة العناية والرعاية الربانية والرحمة النبويّة الشريفة لكن هذه المناسبة العظيمة في مسؤوليتها وثوابها لابد لها من تذكير كلَّ من يعمل في هذا الحقل يخضع لعمليتين 
( الاصطفاءُ تشرفاً بصفة المصطفى للحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم وملامسةً لها. وامتحاناً لاختبار كفاءته في التعامل مع اليتيم ( يخضع لميزان الاصطفاء –
( الاختيار أيضاً تشرفاً بصفة المختار للحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم وملامسةً لها . وامتحاناً بإعلان نتيجة الاختيار ( القبول أو الرفض –

: ثالثاً – أمثلة عملية

:كنت دوماً أؤكد خلال اللقاءات على تحقيق هذه المعاني التي عشتها عملياً مايزيد عن أربعين عاماً
والتي يجريها الله عز وجل وكأني أراها دوماً أمامي ، وإليكم بعض الامثلة العملية التي جرت

: المثال الأول  تجربة خضوع المشرفة لميزاني الاصطفاء والاختيار فوراً واليكم النتائج 

مرة في زحمة العمل الطموح وفي مرحلة بناء وتأسيس أحد مشاريع كفالة اليتيم وضعنا – كفريق عمل  معاييرَ وأسس قَبول جهاز الإشراف كالمواصفات الشخصية والمقابلات والإمتحان كتابي وغيرها وبعد المرور بهذا كله أعلنت النتائج بشكل شفاف وأمين وعلقت بلوحة الإعلانات ومع إعلان ذلك سارعت بعض الاخوات الغيورات على المشروع إليّ وقلن يادكتور إن فلانة التي وضعتم اسمها في قائمة الناجحات هي ليست ممن يؤتمن على الايتام نظراً لسلوكها الذي نعرفه . قلت لهن : لقد أخذنا بالأسباب التي أمرنا بها ربنا تبارك وتعالى من حيث المعاييُر التي وضعناها للإختيار وقمنا بكل الخطوات اللازمة لذلك بكل دقة وصبر ، وكانت النتائج متوافقة مع إجتهادها ، ولانستطيع طيَّ اسمها أو تجاوزه لأن ذلك يكون مدعاة لعدم أمانتنا .

ولانستطيع طيَّ اسمها أو تجاوزه لأن ذلك يكون مدعاة لعدم أمانتنا . لكن انتبهوا ! ! ! فالمتولي بالقبول التام النهائي هو الله تبارك وتعالى ، وقابلُ الأيام بيننا وسأقول لكم بكل ثقة بالله من خلال عشرات التجارب كهذه ، وطبقا لميزاني الاصطفاء والاختيار علينا ان ننتظر قليلا وأمامنا احتمالان بشأنها

الاحتمال الأول وأرجو أن يكونَ هو : إن أقبلت بصدق على هذه الوظيفة فستنعم بالتوبة والقبول والدخول في دائرة العناية الربانية والرحمة النبوية الشريفة  –

الاحتمال الثاني والذي لا أرجوه  وهو إعتذارها وهي  باكية لأنها لن تتحمل طاقة الرفض من معنى كلمة الأيتام   لأن  اليتيم مجس ايماني ببركة  الله وكرامته عليه تبارك وتعالى ،  يقبل من يقبل ويرفض من يرفض ، وعلى هذا فإنني أتوقع لها في هذا السياق

أن تأتي إلى الإجتماع الأول للإشراف وتشارك فيه – ثم ستتأخر عن الاجتماع الثاني – وقبل الاجتماع الثالث بقليل ستأتينا باكية متذرعة ً بحجج واهية تخترعها كأن ليس لديها وقت أو بعذر الأهل أو عمل آخر بالرغم من كون الراتب مغرياً جداً . وبالفعل كان المشهد درساً عملياً لتطبيق ميزاني الاصطفاء والاختيار أمام فريق العمل

حضرت الاجتماع الاول – تأخرت عن الاجتماع الثاني – جاءت قبل الاجتماع الثالث باكيةً ترجونا أن نقبل إستقالتها واعتذارها عن الاستمرار وهي ستسامحنا عن تعويض الفترة التي قضتها . نعم إنه الاصطفاء وإنه الاختيار وكلاهما من الله تبارك وتعالى درس عملي بكل فصوله لاينسى أبداً

  : ( مثال آخر لعناية الله تبارك وتعالى لمن دخل في دائرة رعاية الايتام (حالة مشرفة تحسن بعملها

حالة شهدتها بنفسي وتأثرت بها كثيراً لمعرفتي بمجرياتها المتوقعة , وهي ! دعيت مرة لأسباب فنية هندسية مع بعض الاخوة الكرام لحضور اجتماع مجلس إدارة إحدى الجمعيات التي تعنى بالأيتام لمناقشة مشروع ريعي . وبدأ الاجتماع كالمعتاد بمناقشة بنود جدول أعماله ، وعندما وصل النقاش إلى بند الأيتام أراد أحد الأعضاء الحضور الطعن بسيدة فاضلة قائمة على مشروع الأيتام والتي خبرناها بكل ماهو حسن كريم . لقد دارت في ذهني وكل جسمي أفكار كدت أن أخرج من جسدي استحضرت بها غيرة الله عز وجل على اليتيم ومن دخل في دائرة العناية معه أحسست بأن السماء كادت أن تقع على الأرض غضباً صبّرت نفسي لكن انتظرت بكل توتر وترقب عقاب الله عز وجل لهذا الأخ وأكرر في نفسي كيف تجرء على من تعمل بكل هذا الإخلاص والسمعة الحسنة الكريمة حبست انفاسي ثانيةً وكتمت سري بكل هدوء لما شعرت به . بنفس الجلسة بدأ النقاش في بند آخر وفجأة وكأن السماء

انتفضت كما توقعت للدفاع عن مَنْ دخلت في عناية ربها ورعايته إكراماً لما تقوم به ، وانهالت عليه التُهم الحقيقية مع أدلتها ولولا رحمة ربه لكان من المطرودين من مجلس الإدارة لكن أدركه رأي حكيم هادئ أن اعطوه فرصة ودققوا في الأمر . ولعل الله أراد إعطائه فرصة للانتباه الى الأمر الجسيم الذي أوقع نفسه فيه . مر الاجتماع هذا وكأنه أحداث جسيمة شهدتها بكل جوارحي ، والأصعب من ذلك عليّ أن الطرح كان مفاجئاً لي بعكس ماكنت أتوقع من حيث المسؤوليةُ أمام الله , الله تعالى وحده من يقبل الدخول على دائرة العناية بالأيتام , وأمثلة أخرى كثيرة متنوعة كلها تطبيق عملي لميزاني الاصطفاء والاختيار بالقبول والرفض واقول بالقبول فهذا أمر جميل لايحتاج الى تفسير , اما كلمة الرفض :فتتمثل بها هيبة الله وجلاله وغيرته على من يتجرأ بالإقدام على دائرة عنايته لليتيم ورعايته تبارك وتعالى له

(مثال ثالث : بعنوان التمادي في التحدي (بين المشرفة واليتيمة

لابد لنا ولكل من يعمل مثلنا في حقل رعاية الأيتام والأرامل أن يكون غيوراً على أمر الله في الأيتام والمشهد كمايلي : عند دخولي لإحدى جمعيات الأيتام لإلقاء محاضرة ( واخترت أن تكون ممتلئة بكل المرغبات والمشجعات لإدامة العمل في خدمة الأيتام ) استقبلتني كالمعتاد أخت فاضلة وهمست على عجل في أذني بكل أدب قائلة دكتور عنّا مشكلة قلت ماهي : قالت إن فلانة وهي مشرفة على مجموعة من اليتيمات في دار رعاية (كما قالت بالعامية ) متحططة على يتيمة عندها وقد أوغلت في ايذاء اليتيمة حتى قالت صباح اليوم : إما أنا أو اليتيمة هنا . ( وكان مقصد الأخت المستقبلة أن ألفت إنتباه الجميع الى هذا الأمر بطريقة ما خلال المحاضرة )

وكان عليّ صعود درج بسيط وصولاً إلى قاعة المحاضرات لكنني والله ظننت أني فقدت قدميّ ولم أشعر التصاقهما بالأرض وصبّرت نفسي ريثما أجلس على كرسي المحاضرة وأخفي قدميّ تحت الطاولة . وبدأت الحديث بعد حمد الله تعالى والصلاة على حبيبه صلوات الله وسلاماته عليه قلت تنامى إلى سمعي أن إحدى الأخوات الفاضلات هنا معنا وأرجو ألاّ تعرف بنفسها أنها قالت : أنا أو اليتيمة هنا . والله أيتها الأخت الكريمة أقول لك بصراحة وعلانية اليتيمة هنا ولا عشراتٌ من أمثالكِ . وإنني لأرجو الله عز وجل لكٍ التوبة وقبولها من الله ، لأنني أخشى عليك غضب الله وعقابه وتقبلي مني هذا الكلام الصريح فأنا أخ ناصح كما تعرفونني وهذا الأمر أسهل عليك من المنازلة مع الله العزيز الجبار الغيور على الأيتام .

فأبشروا أبشروا يامن نذرتم أنفسكم لخدمة الأيتام والأرامل أبشروا بعناية الله لكم ورعايته وحفظه وأمانه مادمتم بهذه الحال لأنه أكرمكم بصفتي الاصطفاء والاختيار . وسأتشرف بالحديث في حلقة قادمة على البركة المادية المعنوية لمن يعمل في هذا المجال وصلوات الله وسلاماته عليك ياسيدي يارسول الله يامن رغبتنا وضمنت الجنة لمن يكفل اليتيم

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وعلى خادم اليتيم مع محبه

والحمد لله رب العالمين

تحميل المقال