بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين المنعم المتفضل والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى والنبيّ المجتبى وعلى
آله وصحبة وعلى خادم اليتيم مع محبه
: أولاً – مبادرة مفهوم سن الإنتاج
في مبادرة تتناسب مع الوضع الاجتماعي و الانساني والمعاشي لليتيم وبما يساير مراحل نموه بصيغة متكاملة تم إطلاق مفهوم “سن الإنتاج” ليكون التعبير الحقيقي الكامل عن معنى العنايةُ و الرعاية لليتيم وصولاً إلى مرحلة الإستغناء عن الناس . وبفضل من الله تبارك وتعالى تم تأصيله و تطبيقه في الكثير من جمعيات رعاية الأيتام حول العالم انطلاقاً من هذه المبادرة , والتي أعطت النتائج الايجابية الرائعة
: ثانياً – تأصيل مفهوم سن الإنتاج
وتأصيل هذا المفهوم ينطلق من الفسحة النبويّة الشريفة في حديث الحبيب المصطفى صلوات الله عليه وسلاماته لتطور مفهوم تعريف سن اليُتم . عن إبن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من قبض يتيماً من بين المسلمين إلى طعامه أو شرابه حتى يستغني وجبت له الجنة “. والشاهد لدينا عبارة “حتى يستغني” أي إلى مرحلة الاستغناء … , و مرحلة الاستغناء تعني بالضرورة مرحلة الانتاج من خلال مورد ذاتي و هذا بدوره يقتضي إما ِنتاج علمٍ أو مهنة فينتفع اليتيم من إحداها و يستغني عن الناس , وقد أخذت بعض الجمعيات الكريمة هذا الأمر شعاراً لها ( من الإحتياج إلى الإنتاج ).
ثالثاً – إستخلاص تعريف سن الإنتاج
ولو أردنا صياغة تعريف لمفهوم سن الإنتاج لما وجدنا أشرف من أن نشتق التعريف من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المرحلة العمرية التي يستغني بها اليتيم عن الناس
: ومع تطبيق هذا المفهوم يتحقق ما يلي
أ – التشرف بتطبيق لفظ النبي المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام “حتى يستغني “
ب – المساعدة بإتاحة الفرصة لليتيم لإخراج مواهبه وإطلاق قدراته واستعمال طاقاته الكامنة بتعلم العلم أو المهنة الحرفية للوصول إلى تحقيق طموحاته .
ج – مع وصول اليتيم إلى مرحلة الاستغناء – والتي من معانيها العطاء والانتاج و الخدمة للغير د – تتحقق مرحلة الاندماج التام بالمجتمع .
ه – ما أجمل و أبرك وأبرّ الرزقَ من عرق الجبين ! والسعادة التي يشعر بها اليتيم من خلال ذلك
رابعاً – مفهوم الخير المتعدي
وزيادة في جبر خاطر اليتيم تم تطبيق مفهوم الخير المتعدي ضمن مفهوم سن الإنتاج والتجارب ناجحة جداً والحمد لله …ولتطبيق هذا المفهوم أثر مباشر على شخصية اليتيم وهو الشعور بالوجود والكينونة . 1 – تعريف الخير المتعدي : بأنه العمل الذي يؤدي إلى النفع المتعدي , وقاعدة الخير المتعدي او ماتسمى قاعدة العمل الخيري المتعدي تناولها الكثير من خيرة العلماء : أ – ذكرها الإمام السيوطي رحمه الله تعالى في الأشباه والنظائر ب – كما ذكرها ابن الحاج في المدخل :بأن لاخلاف بين الأئمة من أن الخير المتعدي أفضل من الخير القاصر على المرء نفسه ج – كما قال الزكشي أنها قاعدة أغلبية 2 – آلية تطبيق مفهوم الخير المتعدي عملياً ينطلق مفهوم الخير المتعدي من الحوار مع اليتيم بعد أن يتجاوز المرحلة الثانوية و يبدأ باختيار اختصاص الجامعة و الوضع المادي عادة يعتبر العائق الأكبر مع توفر شروط القبول (الشهادة والعلامة بها ) . والحديث معه على النحو التالي : أ – قم بإختيار أي فرع تريده و تشعر نفسك بالتفوق
فيه دون أن تضع عوائق لاحقة لمرحلة ما بعد التخرج مثلاً الطبيب يحتاج عيادة…لأن هناك من يقول كيف ستوفر عيادة لك أو مكتب هندسي اختصر الطريق و ادرس شيئاً تستفيد منه بعد التخرج …
ب -سيتم تغطية نفقات دراستك إلى أي مرحلة تطمح إليها وصولاً إلى أعلى درجة من التعليم العالي إن أمكن ذلك .ج – إن النفقات التي ستصلك ستكون عطاءَ دينٍ رباني من الله تبارك وتعالى موجّه إليك و بدون شروط و ليس لنا أي فضل بها، و لا يترتب عليك أي التزام نحونا . ولكن عندما يكرمك الله عز وجل بالدخول في مرحلة الانتاج وبعد تأمين مستلزمات عملك وحياتك الخاصة (مثلاً عيادة, زواج , منزل …) قم يا أخي الحبيب واكفل يتيماً من اختصاصك , كي تحقق معنى شكرك لله عز وجل تطبيقاً لقوله تبارك و تعالى ” وقل اعملوا آل داوود شكراً” ولعل أعظم وأكرم درجات الشكر أن يعطي المرء من ما أعطاه الله عز وجل …
د – وَرّثْ من كفِلته ما ورثته من مفاهيم إستفدت منها وتعلمتها خلال مرحلة ماقبل الانتاج … هـ – ثم ليقوم اليتيم الجديد بالقيام بنفس العمل مع إستمرار الأول …و هكذا نُصبح نحن أمامَ شجرة خير نبتت في أرض طيبة و تعددت أغصانها و هي تثمر في كل المواسم … و _ و متابعة لتطبيق هذا المفهوم و عند سؤالِ طبيبٍ ، بعد عشرسنوات من بدئه مرحلة الانتاج (كما بينّا ) بتطبيق الخير المتعدي ، أجاب حتى الآن مكنني الله بفضله أن أساعد في تخرج سبعة أطباء ، و كل واحد منهم استمر في نفس النهج … ما أجمل الخير المتعدي لأنه رفع الحرج عن اليتيم وأشعره بوجوده وكيانه و أفاض عليه بجبر الخواطر و أصبح اليتيم كافلاً …
خامساً – القرض الحسن
وعلى التوازي مع قاعدة الخير المتعدي هناك مفهوم آخر متداول يؤدي أيضا الى جبر الخواطر وهو مفهوم القَرض الحسن إنطلاقاً من قوله تعالى : – ” إن المصّدقين والمصّدقات وأقرضوا الله قرضاً حسناً يُضاعف لهم ولهم أجر كريم ” ( سورة الحديد الآية 18) – ” من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون ” ( سورة البقرة الآية 245 ) وقد أبدع الإمام ابن الجوزي ببيان علة تسمية الله تبارك وتعالى للصدقة قرضاً : سماه الله تبارك وتعالى قرضاً تأكيداً لاستحقاق الثواب به إذ لايكون قرضاً إلاّ والعوض مستحَق به . والقرض الحسن موضح بشكل رائع وله ممارسات وتطبيقات كثيرة جداً سادساً – التذكير بالسنن الحسنة إن الهدف من ذكر قاعدة الخير المتعدي والقرض الحسن إنما هو الطمع في التذكير بالسنن الحسنة التي بينتها احاديث النبي عليه الصلاة والسلام ومنها : – عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من سنّ في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده ، كتب له مثل أجر من عمل بها ، ولا ينقص من أجورهم شيء ………… ” – وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ……. “